نتابع المقال الثاني أسم الله الشافي الجزء الثاني
يمرضك لتعود إليه فإذا عدت رفع المرض إذ أنه لم يعد للمرض فائدة!
يمرضك لتشعر بالآخرين فإذا شعرت بهم رفع عنك المرض لأنه لم يعد للمرض فائدة!
الشافي الذي لن تحتاج إذا أردت الدخول عليه إلى موعد مسبق، وبطاقة تؤهلك للعلاج..
فقط قل: يا الله، فإذا بأعظم مشفى إلهي تفتح أبوابها، إنها مشفى الرحمة والقدرة واللطف والشفاء.
من الذي يقدر على أن يلأم تلك العظام المتنافرة، ويعيد البسمة إلى ذلك الثغر؟ وينفخ الروح من جديد في جسد انفتحت له أبواب المقبرة؟
الله وحده من يقدر على ذلك!
أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، الذي جاء ربه بقلب سليم، سليم من أي ذرة شرك قد تعتري قلباً ضعيفاً، يقولها عليه السلام فيفهم المؤمن الدرس ولا يلتجئ إلا للحي الذي لا يموت:
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ
هو وحده، لا أحد سواه يشفيني، لن تحتاج إلى غيره إذا أراد شفائك، ولن يفيدك غيره إذا لم يرد!
يرض الجدري جسد أيوب عليه السلام، تتشتت أسرته، تتبعثر أملاكه، أكثر الناس تفاؤلاً يفقد الأمل في شفائه، وهو صابر محتسب! تشتعل الأسقام في جسده وهو منكس الرأس لمولاه، وبعد سنوات البلاء، يند من شفتيه دعاء حيي، دعاء منكس رأسه بذلة، دعاء ممتلئ باليقين:
أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
فإذا بأبواب السماء تنفتح بالرحمة، وإذا بالأوامر العليا تنزل من فوق السماء السابعة لأجل ذلك المهموم المكروب.
تنتهي سنوات العذاب في ساعة، ليأتي عهد الشفاء!
لماذا تثق بكل هؤلاء الموتى الذين يتحركون حولك، وتنسى الحي الذي لا يموت؟
من الذي خدعك وأقنعك أن الشفاء قد يأتي من طريق آخر؟
كيف ضحكت عليك الحياة بهذه السرعة، ونسيت ذلك الذي أخرجك من بطن أمك بدون طبيب، وخلق لك في صدرها رزقاً حسنا، وعلمك وأنت أجهل ما تكون كيف تزم شفتيك على صدرها لترضع؟ أنسيت الذي خلق الرحمة في قلب تلك الإنسانة لتضمك؟ وتعتني بك؟
ها هو سبحانه بالمرض يذكرك بأيامك الأولى، بالمرض يقول لك: عد إلي، فكما خلقتك من عدم فأنا وحدي الذي أرفع عن جسدك السقم!
إذا رضيت عن الله أرضاك الله..
المرض من أقسى اختبارات الرضا، فإذا كانت إجاباتك في هذا الاختبار راضية، كانت النتيجة مرضية بإذن الله.
قد يسأل البعض: كيف أرضى بالمرض وفيه الألم المكروه فطرة؟ يجيب الإمام ابن القيم عن هذا قائلاً:
(لا تنافي في ذلك، فإنه يرضى به من جهة إفضائه إلى ما يحب، ويكرهه من جهة تألمه به، كالدواء الكريه الذي يعلم أن فيه شفاءه، فإنه يجتمع فيه رضاه به، وكراهته له).
قل من بين آهاتك ما أمر به نبيك أمّته أن تقول:
رَضيتُ باللهِ ربًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبمحمَّدٍ نبيًّا.
قلها بقلبك، اجعل قلبك يتنفس الرضا، اجمع يديك واتل اسمه في دعائك، ثم امسح على جسدك.
اجعل المرض بداية عهد جديد تتعرف فيه إلى ربك من خلال اسم الشافي.
مع تحياتي القلبية
حسن